follo me on twitter

Follow stephenfayed on Twitter

subscribe Stephen Botros Fayed

السبت، 10 مايو 2014

أخلاقية قرار إبراهيم فى تقديم اسحق ذبيحة

أخلاقية قرار إبراهيم فى تقديم اسحق ذبيحة

من أكثر النصوص الكتابية التى لطالما تعرضت للنقض والتشوية على الرغم من الجمال الخفى والإبداع المشرق الذى لن يجده إلا الباحث المخلص والمتواضع والمتساءل فى استفهام وليس عن استنكار هذا النص ,الكتابى امتحان الله لإبراهيم .
اقدم بعض النقاط البارزة فى هذا الطلب " الديكتاتورى " وذلك القرار " المدهش " فى اصحاح ابطاله ابراهيم الأب الشجاع واسحق الإبن المطيع والله الغائب الحاضر .


وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ .
قبل البدء فى الأصحاح نتناسى اول جمله به لما يحوى هذا الاصحاح من امور كثيرة ولكن كما يقال " الجواب بيبان من عنوانه " لابد من معرفة البداية ان كان الإله أدخل ابراهيم فى هذا الامتحان الصعب بدون تأهيل مسبق يكون الإله ظالماً . ولكن حاشا فهو الذى يمتحن ابراهيم لا
ليعرف ماذا سيفعل فهو كلى المعرفة ولكن كما يقول القديس أغسطينوس: جُرب إبراهيم بتقديم ابنه الحبيب إسحق ليزكي طاعته الورعة، ويجعلها معلنة لا لله بل للعالم. ليست كل تجربة هي للومنا وإنما يمكن أن تكون لمدحنا .
فالله لم يسمح لإبراهيم بالتجربة إلاَّ بعد أن ظهر له في بلوطات ممرا وأكد له الوعد من جهة إسحق، وبعدما صنع ميثاقًا مع أبيمالك مظهرًا له كيف أعطاه مهابة ورهبة حتى أمام الملوك. بمعنى آخر أعده لها بطرق كثيرة، وكما يقول الرسول: "لكن الله أمين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة أيضًا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا" (1 كو 10: 13). هيأ قلبه وفكره وأعد كل حياته لقبول التجربة، كما رافقه أثناء التجربة أيضًا بطريقة خفية (غامضة صامتة ) وكان سندًا له، وفي النهاية تجلى في حياته بطريقة أو أخرى. وهكذا مع كل تجربة يقوم الرب نفسه بمساندتنا قبل التجربة وأثناءها وبعدها، حتى يحقق غايته فينا إن قبلنا عمله في حياتنا.
ثم نأتى للطلب الذى اقل وصف له ديكتاتورى ولكن" قليلا قليلا " حيث اننا نتعامل مع الإله الذى اموره الإلهية لن يستوعبها كلها
العقل البشرى فى هذا الطلب ثلاث امور يُصعّبوا الموقف كثيراً
أولاً إن الآلم يمكن ان يتحمله ابراهيم وكثيرا منا كمؤمنين يمكن ان نقبله بشكر ولكن الطلب هنا ليس الآلم ولكن صناعة الآلم !! كيف يارب تطلب هذا . أن اتآلم موافق ولكن أن تطلب منى بأن أصنع آلمى هذا ما لايمكن ان احتمله . خذه انت أو ابتليه بمرض يموت بسببه او اجعل وحش يفترسه ولكن أن أقتل لا بل أذبح إبنى شئ صعب جداً " الخروج خارج دائرة الامان "
ثانيا الطلب منافى للمنطق والواقع فالإله كما عرفه ابراهيم ليس إله وثنى يطلب تقديم الذبائح, فكما نعرف ان الخلفية التاريخية للوسط الذى يعيش فيه ابراهيم هي عبادة وثن يطلبون تقديم ذبائح بشرية ففى بلاد النهرين وسوريا كانوا يقدمون أولادهم البكر قرابين للآلهه . كان الكنعانيون يقدمون أبناءهم وبناتهم ذبائح للإله مولك . يذكر هيربرت لوكير أن ماريوس قدم ابنته ذبيحة بعد الانتصار على الكمبريين "الجومريين" وكذلك نذر ملك كريت عقب عاصفة هوجاء أن يقدم للإله نبتون أول من يخرج من القصر للقائه بعد عودته سالماً وكذلك قدم اجاممنون ابنته إفيجينيا للإله ويقول آرثر كندال إن ملك موآب قدم ابنه ذبيحة بشرية لاسترضاء الإله كموش وليصنع خلاصا من يد اسرائيل ويهوذا وآدوم 2مل 27: 3
اذاً كيف يطلب الإله الصالح من عبده بل خليله ابراهيم هذا الطلب المنافى للمنطق المعتاد لاشك امتحان صعب  ويصعب تخيله فالأجدر بوصفه ابراهيم وليس أنا حتى وإن اوتيت كل معانى اللغة .
 ثالثا " عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ " لا يكفيه الطلب الغير منطقى ولا صناعة الألم ولكن بالإضافة إلى غموضه !! . ورغم ندرة المعلومات لم يطلب علامات .

ثم نجد الكلمة التى اقف كثيرا امامها فى صمت " فبكر إبراهيم " !! يا لطاعته العمياء
ثلاثة أيام حتى الجبل كيف كان يشعر ؟ هل تشكك فى صوت الرب ؟ هل فكر فى الرجوع ؟ بالتأكيد كل هذه الاسئلة وأكثر دارت فى ذهنه ولكن نجده يدهشنا ايضا بكلمته اجْلِسَا أَنْتُمَا هَهُنَا مَعَ الْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَيْكُمَا .
هو واثق بإله ثقة عمياء ان الإله الذى أتى بأٍسحاق بمعجزة لا يستحيل عليه ان يقيمه ثانيا وإن مات وهذا من نجده كُشف لبولس حيث يرى العلامة أوريجانوس أن هذه التجربة كشفت أعماق إبراهيم  وأفكاره الخفية من جهة إيمانه بالقيامة، إذ يقول: بالروح عرف الرسول بولس - على ما أظن - عاطفة إبراهيم وأفكاره، معلنًا إياها بقوله: "بالإيمان قدم إبراهيم إسحق وهو مُجرب، قدم الذي قبل المواعيد وحيده، الذي قيل بإسحق يدعى لك نسل، إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات"عب 11: 17
7وَقَالَ إِسْحَاقُ لإِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هَئَنَذَا يَا ابْنِي». فَقَالَ: «هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ وَلَكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟» 8فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي». 
الله يرى !! إنه ابراهيم .
هو لا يعلم لماذا ولا كيف ولا متى ولكن عنده يقين شديد بأن الله يرى . يا ليتنا نتحلى بهذا الإيمان فى وقت التجربة او الامتحان عندما تتوالى الاسئلة وتندر الإجابات عندما يتركز الضوء على المشكلة ويصمت الله ونظن بأنه مختبئ يا ليتنا نتذكر بأن الله يرى.
9فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. 10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. 11فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «إِبْرَاهِيمُ إِبْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا» 12فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئاً لأَنِّي الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي».
نجد عزم ابراهيم وعدم تراخيه فى كلمات " بنى – رتب – ربط - وضع – مد "
ايضا إنه ابراهيم .

أوضح سابقا ان الله يعلم نتيجة الامتحان مسبقا ولكن للتأكيد أن الله كلى المعرفة أقول :

هو عارف القلوب
وَصَلَّوْا قَائِلِينَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ.. اع 1: 24
فاحص القلوب ومختبر الكلى " يَا رَبُّ قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. 2أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. 3مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ. 4لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا. 5مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ. 6عَجِيبَةٌ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ فَوْقِي. ارْتَفَعَتْ لاَ أَسْتَطِيعُهَا. مز 139:  2-5
الفعل (يَعرٍف ) فى العبرى هو " يدع"  وقد ورد فى العهد القديم 927 مرة وهو لا يعنى فقط يعرف شئ كان يجهله , ولكن ايضا يكشف عن شئ معروف .
مثال عملى يؤكد انه معرفة شئ معروف
- وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. تك 12 :11 بالتاكيد ابراهيم يعلم أن ساراى جميلة من قبل ذلك .

- «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئاً لأَنِّي الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». تك 22 : 12

 -  فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ. وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَعْرِفُ شَيْئاً إِلَّا الْخُبْزَ الَّذِي يَأْكُلُ (تك 39: 6 )

ويقول القس منيس عبد النور : لا توجد آية واحدة في الكتاب المقدس تنفي علم الله بكل شيء. أما العبارات التي تفيد أنه يمتحن الناس ليعرف قلوبهم فليس معناها أنه يجهل خفايا القلوب. ولكن معناها أن الله يمتحن الناس ليعلّمنا أنه سبحانه يُدخل الإنسان في ظروف مخصوصة ليتضح بالبرهان صدق معرفة الله السابقة لخفايا القلب ونياته. ومعنى هذا أن اكتشاف قلب الإنسان يكون ببرهان عملي يتفق مع حكم الله عليه.
وللإيضاح نقول مثلاً إن أستاذ الكيمياء، يشرح حقيقة علمية لتلاميذه يقول لهم:  دعوني أمزج هذا الحامض بهذه المادة لنرى ماذا تكون النتيجة، وهو يعرف مقدماً نتيجة المزج المزمع عمله. هكذا الحال عندما يرسل الله التجارب إلى الإنسان، فهو يقصد بها امتحاناً ليس هو نفسه في حاجة إليه. ولكنه يقصد خير الإنسان نفسه وتبرير طرق معاملاته للناس. لقد ظهرت طاعة إبراهيم لله عندما قبل أن يضحّي بابنه الوحيد حسب أمر الله، وكان هذا برهاناً عملياً على محبة إبراهيم لله. كما أن إيمان إبراهيم في الوقت نفسه قد تشدد. وإذا شك أحد في أمانة إبراهيم وإخلاصه لله، فتكفيه الإشارة إلى عمل طاعته هذه الفائقة. وعندما قال الله لإبراهيم: «الآن علمتُ أنك خائف الله» (تكوين 22: 12) لم يكن يقصد أنه لم يكن يعرف فعرف، بل إنه أعلن عظمة إيمان إبراهيم ببرهان ملموس.
اخيرا إن كان الله يعلم ان ابراهيم لن يوافق على تقديم ابنه ذبيحه كان لم يضعه فى هذا الموقف فهو لا يدعنا نجرب فوق ما نستطيع .  

ولكن يتبقى سؤال لإبراهيم ولعلنا ايضا نسأله جميعا لماذا يارب ؟ لماذا اجتاز ابراهيم هذا الآلم هل فقط لكى يتزكى ايمانه انه سبب غير كاف وغير عادل لما حواه هذا الإمتحان ولكن هذا هو الله فعندما يصمت لا يجب أن نلزمه أن يتكلم بل نثق فيه ونتأكد أنه فى أثناء صمته يصنع أعظم أعماله .

بُورك ابراهيم لطاعته فنجد الله لا يجد اعظم من ذاته ليقسم به ويقول " «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي».

ولكن على الرغم من البركة يبقى السؤال لماذا يارب ؟؟ وتبقى الإجابة انتظر " «لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ». يو 13 :7
اذا هل فهم ابراهيم فيما بعد ؟ نعم
اين ؟
حيث نجد فى الصليب وبعد انقضاء 2000 سنة اب يقدم ابنه ذبيحة والإبن يتآلم ويذبح ونجد الرب يسوع قائلا أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ». يو 8: 56
متى رأى ابراهيم ؟ بالتأكيد هنا فى هذا المشهد المصغر للصليب وعمل الفداء
ونجد بولس –على ما يظن – يقول:  في الإِيمَانِ مَاتَ هَؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ عب 11: 13
حيث كان ابراهيم وفعله هذا من أهم الرموز فى عملية الفداء .

                                                      
                                                                                ..ستيفن ياهو بن نمشى 



                                                                    


المراجع :


- تفسير الكتاب المقدس سفر التكوين . القمص تادرس يعقوب ملطى
- إله العهد القديم إله الدماء . القس عزت شاكر
- شبهات وهمية . القس منيس عبد النور
- السجود رغم الغموض . د. ماهر صموئيل